بعض أحكام ( الكنى و التكني)
--------------------------------------------------------------------------------
الكنية
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على اشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه و من سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين ، أما بعد :
فالكنية بضم الكاف و سكون النون مأخوذة من الكناية , تقول : كنيت عن الأمر بكذا إذا ذكرته بغير ما يستدل به عليه صريحا . و قد اشتهرت الكنى للعرب حتى ربما غلبت على الأسماء كأبي طالب و أبي لهب وغيرهما ،وقد يكون للواحد كنيه واحدة فأكثر ، وقد يشتهر باسمه و كنيته جميعا ، فالاسم و الكنية و اللقب يجمعهما العلم بفتحتين ، وتتغاير بأن اللقب ما أشعر بمدح أو ذم ، و الكنية ما صدرت بأب أو أم ، وماعدا ذلك فهو اسم .(1)
البحث
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (سموا باسمي و لا تكنوا بكنيتي)(2)
اختلف العلماء في هذه المسألة على مذاهب كثيرة جمعها القاضي و غيره ، قال النووي : اختلف في التكني بأبي القاسم على ثلاثة مذاهب : الأول المنع مطلقا سواء كان اسمه محمد أم لا ،ثبت ذلك عن الشافعي . والثاني الجواز مطلقا، ويختص النهي بحياته صلى الله عليه و سلم ، والثالث لا يجوز لمن اسمه محمد و يجوز لغيره .
قال ابن بطال في شرح رواية البخاري : وأما غير أبي القاسم من الكنى فأجمع المسلمون على جوازه سواء كان له ابن أو بنت فكني به أو بها أو لم يكن له ولد أو كان صغيرا أو كني بغير ولده ويجوز أن يكنى الرجل أبا فلان وأبا فلانة وأن تكنى المرأة أم فلانة وأم فلان وصح أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول للصغير أخي انس يا أبا عمير ما فعل النغير و الله اعلم .
وقد جاء عن انس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل علينا و لي أخ صغير يكنى (أبوعمير) و كان له نغر يلعب به فمات ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فرآه حزينا فقال : ما شأنه ، قيل له : مات نغره فقال : (( يا أبا عمير ما فعل النغير؟ ))(3)
ذكره الإمام مسلم في صحيحه تحت عنوان ( جواز التكنيه ) وعقد الإمام البخاري بابا في صحيحه سماه ( باب الكنية للصبي و قبل أن يولد للرجل ) وذكر الحديث بلفظ آخر.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني : و أشار بذلك إلى الرد على من منع تكنية من لم يولد له مستندا إلى انه خلاف الواقع ، فقد اخرج ابن ماجه و احمد و الطحاوي وصححه الحاكم من حديث صهيب ( أن عمر قال له : مالك تكنى أبا يحيي و ليس لك ولد ؟ قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم كناني ) واخرج ابن أبي شيبه عن الزهري قال : كان رجال من الصحابة يكتنون قبل أن يولد لهم . واخرج الطبراني عن علقمه عن ابن مسعود ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كناه أبا عبد الرحمن قبل أن يولد له ) وسنده صحيح . قال العلماء : كانوا يكنون الصبي تفاؤلا بأنه سيعيش حتى يولد له ، وللأمن من التلقيب . ولهذا قال قائلهم : بادروا أبناءكم بالكنى قبل أن تغلب عليها الألقاب . وقالوا الكنية للعرب كاللقب للعجم ، ومن ثم كره للشخص أن يكني نفسه .(انتهى مختصرا)(4)
وأما النغير فهو طائر صغير واحده نغرة وجمعه نغران ، وهو طائر احمر المنقار و لقد جمع أهل العلم عدة فوائد لهذا الحديث جمعها في جزء مفرد الإمام أبو العباس احمد الطبري المعروف بابن القاص و لخصها الحافظ ابن حجر و زاد عليها في فتح الباري . قال الإمام النووي : وفوائد هذا الحديث كثيرة منها ( جواز تكنية من لم يولد له و تكنية الطفل وانه ليس كذبا ...)
قال الإمام البخاري في صحيحه:( باب كنية المشرك ) وفي كتابه الأدب المفرد : (باب هل يكنى المشرك ؟ )
ثم ذكر حديثا عن عروة ابن الزبير أن أسامه ابن زيد اخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغ مجلسا فيه عبد الله ابن أبي بن سلول _وذلك قبل أن يسلم _ فقال : لا تؤذينا في مجلسنا ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على سعد بن عبادة فقال : (أي سعد ألا تسمع ما يقول أبو حباب )؛ يريد عبد الله ابن أبي بن سلول .(5)
وقال أيضا : ( باب الكنية قبل أن يولد له )
حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن مغيرة عن إبراهيم : ( إن عبد الله كنى علقمه أبا شبل ولم يولد له )(6)
وقد ثبتت الكنية للنساء أيضا فقد جاء عن عائشة _رضي الله عنها _ قالت : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله كنني فقال : ( تكني بابن أختك عبد الله ) فكانت تكنى أم عبد الله .(7)
المراجع:
1: فتح الباري
2:اخرجه البخاري
3:رواه مسلم و اللفظ للبخاري في الادب المفرد
4:فتح الباري
5:رواه مسلم و البخاري في الادب المفرد
6:رواه الحاكم و صححه واخرجه البخاري في الادب المفرد
7:الحاكم و البخاري في الادب المفرد وصححه الالباني